أزمة الخبز في السودان: هل باتت الجودة مجرد حلم؟
في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها السودان، لم تعد أزمة الخبز تقتصر على شُحّ الكميات وارتفاع الأسعار، بل امتدت لتطال جودته وسلامته، وهو ما بات يُثير قلق المواطنين. فبعد أن كان الخبز رمزًا للقوت اليومي الأساسي، أصبح اليوم محفوفًا بالمخاطر، وتتداول منصات التواصل الاجتماعي صورًا تزيد من مخاوف السودانيين، وتُعيد للأذهان قصصًا غريبة تُحكى عن قطع "السفة" التي يتم العثور عليها داخل أرغفة الخبز.
تُعتبر هذه الظاهرة واحدة من أبرز تجليات الإهمال وضعف الرقابة على المخابز في ظل الأوضاع الصعبة، فالمواطن الذي يصطف لساعات طويلة للحصول على رغيف خبز، يجد نفسه أمام صدمة جديدة تُضاف إلى معاناته اليومية. هذه الحادثة، التي تتكرر بين الحين والآخر في الخرطوم ومدن سودانية أخرى، ليست مجرد قصة طريفة تُروى في المجالس، بل هي مؤشر خطير على تدهور منظومة الإنتاج الغذائي، وتُثير تساؤلات حول مدى التزام أصحاب المخابز بمعايير النظافة والجودة، خصوصًا في ظل الانفلات الأمني والغياب شبه الكامل للرقابة الحكومية.
إن "السفة" هي عادة سودانية قديمة، ولكن وجودها في الخبز يُعدّ أمرًا مُستهجنًا ويُثير اشمئزاز المستهلكين. تُظهر هذه الحوادث كيف أن بعض العمال في المخابز، ونتيجة للإرهاق أو الإهمال، قد يتسببون في تلويث الخبز بمواد لا يُفترض أن تكون موجودة فيه. وفي ظل غياب الرقابة الصارمة، لا يجد المواطن مكانًا يشتكي فيه، ولا يملك سوى أن يتداول هذه الصور عبر الإنترنت، علّها تصل إلى المسؤولين وتُحدث تغييرًا.
إن هذه الأزمة، التي قد تبدو صغيرة في سياق الأحداث الكبرى في السودان، هي في الحقيقة انعكاس لحالة من الفوضى والانهيار في القطاعات الحيوية. فالخبز ليس مجرد طعام، بل هو قضية أمن قومي، ومساس جودته هو مساس مباشر بصحة المواطنين. لا يكفي أن تتوفر الكميات، بل يجب أن تُحترم جودة الإنتاج وتُطبق معايير النظافة والسلامة، فصحة المواطن خط أحمر لا يمكن التهاون معه.
لذا، يجب على الجهات المعنية أن تتدخل بشكل عاجل لفرض رقابة صارمة على المخابز، وفرض عقوبات رادعة على المخالفين. كما يجب أن يرفع المواطنون أصواتهم ويُطالبوا بحقهم في غذاء آمن، فالأمر لا يتعلق بقطعة "سفة" في رغيف خبز، بل يتعلق بمستقبل جودة الغذاء في بلد يواجه تحديات لا حصر لها.
Comments
Post a Comment